Translate

المرأة وفقد الأمتنان

فقد الأمتنان
ماذا تفعلين إذا أدركت في لحظه انه قد تم السطو عليك من اقرب الناس إليك، أولادك وزوجك‏،‏ وإنهم لم يتركوا لك شيئا من صحتك أو مالك أو راحة بالك‏، اكتشفت ذلك عندما رحت تبحثين في جيوبك فلم تجدي مدخراتك‏، فقد ساهمت بها في مصروف البيت‏,‏ بحثت عن فكرك وعقلك فوجدتهما في رحله مضنيه لحل مشاكل أسرتك حتى انك لم تجدي وقتا للتفكير في نفسك‏‏ ‏، بحثت عن مشاعرك فلم تجدي مقابلا لتلك التي انفرطت من اجل الجميع‏..‏ أعطيت كل ما عندك‏‏،  وأصبحت خاوية الوفاض‏..‏ ضعيفة‏..‏ محبطه‏..‏ تحتاجين المساعدة رغم انك في نظر الجميع الكاملة المستغنية‏,‏ معتقدين أن نهر عطائك لا ينضب فهل سترفعين راية الاستسلام أم ستعلنين التمرد وتطلبين الطلاق كما حدث أخيرا في حالات كثيرة في خريف العمر؟‏!‏

ولماذا في هذا الوقت بالذات تشعرين بأنه قد تم الاستيلاء عليك لابد من الجلاء‏,‏ وأنت التي عشت طوال العمر لا يسمع لك احد صوتا؟‏!!!‏

يقول الدكتور محمد احمد عويضه أستاذ الطب النفسي جامعه الأزهر‏:‏ تعاني بعض الزوجات من إحساس أن حياتهن وصحتهن قد ضاعت في خدمه الزوج والأولاد فقلوبهن لم تهدا يوما خوفا علي مصالحهن‏,‏ وعقولهن مشتته دوما وأبدا علي مستقبلهن‏,‏ فالتضحية بلا انقطاع‏,‏ وليس هناك فرصه حتى لالتقاط الأنفاس‏,‏ وبسبب هذه الحياة التي تبذل فيها المرأة كل ما تستطيع قد تشعر في وقت من الأوقات أن حياتها ضاعت هباء‏,‏ وان عمرها انقضي ولم تجن أي ثمار‏.‏

يتعاظم هذا الشعور بداخلها كلما تقدم بها العمر وباقتراب موعد ذبول زهره شبابها‏,‏ وحين تشعر أن الجميع قد ينصرفون عنها ليعيشوا حياتهم دون أن تكون جزءا أساسيا في هذه الحياة‏,‏ حين تشعر بالإفلاس وأنها لم تدخر شيئا للزمن حيث أن كثيرا من الأزواج لديهم قناعه أن رواتب زوجاتهن بالكامل حق لهم مادام وقت العمل مقتطعا من وقت المنزل والذي من المفترض‏(‏ ومن وجهه نظرهم‏)‏ انه حق لهم‏,‏ كما أن هؤلاء الزوجات لا يجدن في الغالب الوقت الكافي ليعتنين بصحتهن أو لينعمن بالراحة أو السكينة‏,‏ فهن مربوطات في ساقيه الحياة ويتحملن وحدهن‏80%‏ من أعبائها‏

فبعد العودة من أعمالهن يبدأن وهن منهكات رحله عناء جديدة داخل المنزل تتلخص في الأعمال المنزلية وتجهيز الطعام ومذاكره الأبناء‏,‏ ناهيك عن مهمة توجيه هؤلاء الأبناء وبث القيم والأخلاق فيهم‏,‏ والتي تقع في الغالب علي عاتق الأمهات وحدهن‏,‏ وهن المسئولات تربويا أمام الآباء مما يشعرهن بان الحياة مهمة صعبه مثقله بالأعباء‏,‏ وحيث لا توجد كما‏-‏ يؤكد د‏.‏ محمد عويضه‏-‏ مساواة حقيقية بين الرجال والنساء‏,‏ فان ما تبذله المرأة من جهد يفوق ما يبذله الرجل‏,‏ والذي لا يستغني في كل الأحوال عن راحته الجسدية بل ويبحث عن حياته الاجتماعية بعيدا عنها ويوطد علاقاته بأصدقائه تحت أي ظروف‏,‏ كان المرأة هي الشخص الوحيد الذي يجب أن يضحي وليس لها الحق في الاستمتاع بمباهج الحياة‏!!‏
-‏ لماذا هذا الاستيلاء علي حياه المرأة ‏,‏ ومتى تم تنفيذه؟‏.‏
يجيب‏:‏ تم الاستيلاء علي حياه المرأة كيانا وعقلا منذ صغرها‏,‏ وذلك عندما استسلمت لفكره أن للذكر حقوقا في المنزل وفي الحياة تفوق حقوقها‏,‏ فكثير من الأسر تؤمن أن البنت الطفلة عليها خدمه أخيها الولد‏,‏ تحضر له كوب الماء وتجهز له ملابسه وحقيبة مدرسته‏,‏ وعندما يكبر تعمل له قهوته وتغسل له شرابه وتكوي له قميصه‏,‏ ولأنه واجب عليها ففي الغالب لا تنتظر كلمه شكرا وعندما تصبح صبيه نجدها دائما شايله هم أخيها وأبيها‏,‏ فالذكر في الموروثات الشرقية إنسان نادر‏

علي المرأة ‏-‏ زوجه أو أم أو أخت أن تعني به وبأموره وهي المسئولة عن راحته وسعادته وهنائه من الألف إلي الياء‏,‏ وقد ترسخ في الأذهان أنها المعين الذي لا ينضب والشجرة التي يستظل بها الرجل والأسرة‏,‏ ولكن الواقع يقول أنها الشخص الوحيد في هذا العالم الذي يعاني ليحقق هذه الراحة المطلوبة للجميع‏!!‏
-‏هل هناك سمات لشخصيه المرأة التي تم السطو عليها؟ وبماذا تشعر‏!!‏
يجيب‏:‏ هذه الشخصية التي تم السطو علي حياتها كانت منذ طفولتها شخصيه مسخره لخدمه الآخرين‏,‏ فهي القائمه علي شئون الأب والإخوان الصبيان‏,‏ وعندما كبرت وتزوجت اعتاد الجميع أن يرتاح علي أكتافها فاعتمد عليها زوجها ثم أولادها‏,‏ وتشعر هذه المرأة بان عمرها وشبابها وراحة بالها قد سرقت في غمضه عين‏,‏ وان عقلها ونبضها وحتى أنفاسها ليست ملكا لها‏.‏
-‏ ما هي المراحل التي تمر بها المرأة وصولا لهذه المشاعر السلبية؟‏!‏
يجيب‏:‏
‏1‏ مرحله الغفلة‏:‏ وفيها تكون المرأة سرقاها السكينة كما يقولون‏,‏ وتضحي بكل هذه التضحيات عن طيب خاطر ولا تنتظر مقابلا‏.‏

‏2‏ مرحله الصدمة‏:‏ وفيها تشعر المرأة بالفجيعة والخسارة ثم الحزن والوهن‏,‏ عندما ينظر الجميع لتضحياتها علي أنها شيء عادي مفروغ منه‏,‏ تقوم به كل الأمهات وكل النساء‏..‏

‏3‏ مرحله الإحباط‏:‏ وفيها تشعر المرأة بأنها خسرت كل شيء‏,‏ وهي مرحله مراجعه الحسابات والاحتجاج‏.‏ والتعبير عن الاستياء بالجمل والألفاظ والتلميحات‏.‏

‏4‏ مرحله الغضب والدفاع عن النفس‏:‏ وفيها تعلن المرأة أنها لن تظل مسلوبة الفكر والعقل والأراده والمال‏,‏ وإنها تريد حقوقها لأنها أدت ما عليها من واجبات‏.‏

‏5-‏ مرحله التمرد‏:‏ وفيها تقرر المرأة الانسحاب من الأسرة‏,‏ إذا لم يتم تعديل وضعها الذي استدرجت إليه دون إرادة منها‏.‏

وفي الغالب يتم التشخيص العائلي لهذه الحالة التي وصلت إليها المرأة علي إنها حاله من الجنون وخروج عن المألوف وثوره سوف تهدا‏,‏ وقد يعلن الزوج لأولاده إن أعصاب أمهم تعبانه وان حماته لاعبه في دماغها‏,‏ وبسبب هذه المشاعر قد تتردي الأوضاع بسرعة مذهله وتنهار الأسرة في غمضه عين‏,‏ ويتحدث الجميع باستغراب‏,‏ ويتساءلون‏:‏ ماذا حدث لهذه الأسرة التي كانت بالأمس قائمه ومتماسكة‏,‏ ولماذا وصلت إلي هذا الحال دون أي مؤشرات؟‏.‏
-‏ بماذا ينصح في هذه الحالات؟‏!‏
يقول د‏.‏ عويضه‏:‏ عندما تصل المرأة الي هذه الحال من الاحتجاج يجب علي جميع أفراد الأسرة مناقشه هذه المشكلة ووضع حلول لها وعدم الاستخفاف بها وبمشاعرها‏,‏ علي أن يتولي رب الأسرة إصدار عده قرارات تعيد إليها إحساسها بكيانها‏,‏ ويدعي في ذلك إعطاءها كثيرا من الحقوق النفسية والعاطفية والمادية لتشعر بان حياتها مع أولادها وزوجها ومن حولها كانت منصفه وعادله ومثمره ولن تكون خاسره‏

فهي ككل البشر كائن كامل له الحق في أن يأخذ كما أن له الحق في أن يعطي‏..‏ هذه الحقوق التي سوف تحصل عليها المرأة تنحصر في الغالب في إعطائها مزيدا من الحريات في التصرف في بعض من مالها وفقا لاحتياجات الأسرة ومنحها مزيدا من الحريات والوقت لممارسه حياتها الاجتماعية والالتقاء بالصديقات ووصل الرحم مع الأقارب والخلان وذلك لن يتم بالطبع إلا بمشاركه الجميع لها في الأعمال المنزلية وقيام كل من في الأسرة بواجباته‏,‏

وإعطائها الفرصة للاعتناء بصحتها ومعنوياتها‏,‏ والاهم من ذلك إعطائها الحرية في إبداء رأيها‏,‏ علي أن يتم تحريرها من الأنماط الفكرية القادمة من قرون بعيده و مفروضة عليها من قبل المجتمع الذي يفضل الذكر علي الأنثى مدعوما من أجهزه الإعلام والعادات والتقاليد وهذه المراجعة لوضع المرأة لكي تحصل علي جميع حقوقها الوجدانية والعاطفية والنفسية والمادية‏,‏ ضرورة حتمية لتطور المجتمع‏,‏ فمن المؤكد أن المرأة الحرة المستقلة تسهم بالتأكيد في تحول المجتمع إلي مجتمع حر مستقل ليس معتمدا علي الدعم الحكومي‏.‏