Translate

الحقوق والحريات الشخصية فى دستور 1971 وهل تشدد العقوبات على أنتهاك الحريات فى الدستور الجديد

Û  الحقوق والحريات الشخصية فى دستور 11 سبتمبر 1971؟
×  تتمثل هذه الحقوق والحريات فى: حرية التنقل وحق الأمن وحرمة المسكن وسرية المراسلات.
×  ولهذه الحريات أهمية كبيرة ذلك أن وجودها مفترض أساسي ولازم لكى يستطيع أن يمارس الإنسان حقوقه وحرياته الأخرى، فإذا فقد الإنسان هذه الحقوق فلا يجدى معه تمتعه بالحقوق والحريات الأخرى.
× فحرية التنقل مفترض أساسى لممارسة الإنسان لحقه فى الاجتماع أو فى حريات الفكر أو فى الحريات الاقتصادية والاجتماعية الأخرى كما أن فقدان الإنسان لحق الأمن يؤدى إلى تعرض معيشته وحياته كلها للخطر. ومن ثم فإن الحريات الشخصية – بحق – تعتبر حريات وثيقة الصلة بذات الإنسان وحياته وهى مفترض أساسي لكى يمارس الإنسان حقوقه الأخرى.
× ونظراً لأهمية هذه الحقوق والحريات الشخصية حرص دستور 11 سبتمبر سنة 1971 على النص عليها باعتبارها حقا طبيعياً.
×  فالمادة 41 من الدستور تنص على أن "الحرية الشخصية حق طبيعى وهي مصونة لا تمس".
×  وفصلت نصوص الدستور ضرورة التزام سلطات الدولة بحفظ الحريات الشخصية وحمايتها.
×  على أنه تجدر الإشارة – بداءة – إلى أن هذه الحقوق والحريات ليست مطلقة بل إنها يجرى عليها التقييد بقصد تنظيمها وتحديد الإطار المشروع الذى تمارس فيه وفى ذلك تذهب المحكمة العليا (الدستورية) فى حكم لها بتاريخ 18 يناير سنة 1975 إلى أن "المادة 41 من الدستور تنص على .. وهذا النص لا يعنى أن الحرية الشخصية حق مطلق لا ترد عليه القيود ذلك أن الإنسان لم يعرف هذه الحرية المطلقة إلا عندما كان يعيش فرداً فى العصور الأولى فلما اقتضت ضرورات الحياة أن ينتظم في سلك الجماعة أصبح كائنا اجتماعياً لا يستطيع العيش فرداً وقد اقتضاه ذلك أن يلتزم فى تصرفاته وأفعاله وأقواله الأصول والقواعد التى تتواضع عليها الجماعة ومن شأن هذه القواعد وتلك الأصول أن تحد من حريته فتحول دون اعتدائه على غيره من أعضاء المجتمع حتى يستطيع التمتع بمثل ما يتمتع به والقانون هو الوسيلة الوحيدة لوضع هذه الحدود".
× على أن الضابط فى مشروعية هذه القيود يجب ألا يتعدى حدود التنظيم إلى نطاق النيل من جوهر هذه الحقوق والحريات، والملاحظ فى دول العالم الثالث أنه يوجد ثمة فارق جوهرى بين النصوص الدستورية التى تقرر أصل الحق أو الحرية وبين القوانين التى تأتى لكى تنظم هذه الحقوق والحريات ففى حين أن النصوص الدستورية تحرص على إثبات هذا الحق وتحيل إلى القانون لتنظيمه فإن هذا التنظيم يأتى لتقييد هذه الحقوق بصورة تنال من طبيعتها ومقومات وجودها.
وفى دستور 1971 فصلت نصوص الدستور ضرورة التزام سلطات الدولة بحفظ الحريات الشخصية وحمايتها وذلك على الوجه التالى:

 
1- حرية التنقل:
×  نصت المادة 50 من الدستور على أنه لا يجوز أن تحظر على أى مواطن الإقامة فى جهة معينة ولا أن يلزم بالإقامة فى مكان معين إلا فى الأحوال المبينة فى القانون كما تنص المادة 52 على أن للمواطنين حق الهجرة الدائمة أو الموقوتة إلى الخارج، وينظم القانون هذا الحق وإجراءات وشروط الهجرة ومغادرة البلاد وعلى ذلك فإن الدستور المصرى كفل للمواطن حق الهجرة والتنقل سواء أكانت الهجرة داخلية (دائمة كانت أم موقوتة)، أو خارجية وذلك لأى سبب يراه ما دام هذا السبب مشروعاً.
×  ويتصل بحق التنقل الذى كفله الدستور ما نصت عليه المادة 51 منه: "لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها".
× وإذا جاز الدستور أن ينظم الهجرة الداخلية أو الخارجية، فإن الدستور قد جعل حق العودة إلى الوطن مطلقا لا يجوز منع مواطن من العودة إلى وطنه أياً كانت أسباب ذلك، كما حظر الدستور إبعاد المصرى عن وطنه؛ أى ما يعرف بالنفي إلى خارج البلاد.
2- حق الأمن:
× لا يمارى أحد فى ضرورة حق الأمن بالنسبة للإنسان فالفرد غير الآمن لا يستطيع أن يعيش حياة طبيعية ومن ثم يجب أن يستهدف النظام القانونى حماية حق الإنسان في الأمن، ويحدد بصورة دقيقة الحالات التي يتهدد فيها هذا الحق وكيفية وقوع هذا التهديد ومداه، وضرورة ترتيب عقاب صارم على تجاوز هذه الحدود.
×  ونصت المادة 41 من الدستور على هذا الحق "وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأي قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقاً لأحكام القانون، ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطي".
×  وإذا كان حق الأمن بالغ الأهمية بالنسبة للفرد، وذلك لاتصاله بحريته الشخصية، وتقييده إنما يمثل تقييداً لها. فإنه حق ككل الحقوق ولا يمكن أن يكون مطلقاً دائماً وإنما يجرى عليه التقييد. وفى ذلك ذهبت المحكمة العليا فى حكمها بتاريخ 18 يناير 1975 سابق الإشارة إليه". ولو أن الحرية أطلقت دون قيد لسادت الفوضى واختل الأمن والنظام وأرتد المجتمع إلى عهود الغابة يؤيد هذا النظر المشرع الدستورى إذ يقرر الضمانات التى تجب مراعاتها عند القبض على الأفراد وحبسهم وإذ يوجب إشراف القضاء والنيابة على إجراءات القبض والحبس وضرورة استصدار أوامر القبض والحبس وغيرهما من الإجراءات المقيدة للحرية من القاضى المختص أو النيابة العامة وفقاً لأحكام القانون، فإنه يقر تقييد حرية الأفراد إذا اقترفوا ما يقتضى ذلك من الجرائم ومخالفة القانون، كما يقر بأن الحرية الشخصية التى أحاطها بسياج من القداسة فى صدر النص ليست حرية مطلقة تمتنع على القيود والحدود إذا اقتضت مصلحة المجتمع فرض هذه القيود والحدود.
×  وفى سبيل تحقيق حق الأمن للأفراد لم يكتف الدستور بغثبات أصله فى نص المادة 41 منه وإنما نص على مجموعة من القواعد التى تساعد بصورة مباشرة أو غير مباشرة فى تحقيقه وذلك فى نص المادة 66 من الدستور فقد نصت على أن "العقوبة شخصية. ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون". وإزاء هذا الاهتمام الذى أولاه القانون كان ينبغى للمشرع العادى أن يجرم بشدة الاعتداء على حق الإنسان المصرى فى الأمن وحفظ حرياته الشخصية إلا أنه يلاحظ أن قانون العقوبات فى تنظيمه لهذه الجريمة لم يكن ليرقي للاهتمام الدستورى بهذا الحق، فالمادة 280 من قانون العقوبات رقم 58 لسنة 1937 والمعدلة بالقانون رقم 29 لسنة 1982 تنص على أن "كل من قبض على أى شخص أو حبسه أو حجزه بدون أمر من أحد الحكام المختصين بذلك وفى غير الأحوال التى تصرح فيها القوانين واللوائح بالقبض على ذوى الشبهة يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تتجاوز مائتى جنيه مصرى".
×  ومما لا شك فيه أن هذه العقوبة التافهة لا يمكن أن تتناسب مع خطورة الجريمة التى تمثل اعتداء خطيرا على الحقوق والحريات الشخصية ومن المفارقات العجيبة أن المشرع فى قانون العقوبات قد شدد العقاب إذا ارتكب ذات الفعل من شخص تزيا بدون وجه حق بزى مستخدمى الحكومة أو اتصف بصفة كاذبة أو أبرز أمرا مزورا مدعيا صدوره من طرف الحكومة يعاقب بالسجن.
×  والمشرع قد غاير فى العقوبة على الرغم من أن الجرم الذى وقع على المجنى عليه واحد وأصابه فى حريته بغير وجه حق وإذا كان تشديد العقاب أمراً لازما بالنسبة لمن يرتكب هذه الجريمة وهو منتحل للصفة العمومية، فإن التشديد يصير أولى وألزم إذا وقعت هذه الجريمة من ممثلى السلطة فهم يرتكبونها اعتمادا على سلطات وظيفتهم.


3- حرمة المسكن:
×  وقد نصت المادة 44 من الدستور على أن للسكن حرمة خاصة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقاً لأحكام القانون والمسكن الذى يعنيه النص الدستورى هو المسكن بالمعنى الواسع والذى يعنى كل مكان يقيم فيه الشخص سواء أكان مالكا له أم مستأجراً أم مقيما فيه على سبيل التسامح.
×  وإذا كانت المادة 41 من الدستور تجيز تفتيش الشخص بغير أمر قضائى في حالة التلبس فإن المادة 44 لم تنص على مثل هذا الاستثناء ومن ثم لا يجوز دخول المسكن الخاص بالشخص لتفتيشه إلا بأمر قضائى فى كل حال وبذلك قضت المحكمة الدستورية العليا فى حكمها بتاريخ 2/6/1984 فجاء نص المادة 44 من الدستور – المشار إليه – عاماً مطلقاً لم يرد عليه ما يخصصه أو يقيده مما مؤداه أن النص الدستورى يستلزم فى جميع الأحوال تفتيش المساكن بصدور الأمر القضائى المسبب وذلك صوناً لحرمة المسكن التى تنبثق من الحرية الشخصية التى تتعلق بكيان الفرد وحياته الخاصة ومسكنه الذى يأوى إليه وهو موضع سره وسكينته، ولذلك حرص الدستور فى الظروف التى صدر فيها – على التأكيد على عدم انتهاك حرمة المسكن سواء بدخوله أو تفتيشه ما لم يصدر أمر قضائى مسبب دون أن يستثنى من ذلك حالة التلبس بالجريمة التى لا تجيز – وفقاً للمادة 41 من الدستور – سوى القبض على الشخص وتفتيشه أينما وجد وإذا كان نص المادة 44 من الدستور واضح الدلالة – على ما سبق ذكره – على عدم استثناء حالة التلبس من الضمانتين اللتين أوردهما – أى صدور أمر قضائى وأن يكون الأمر مسبباً – فلا يحق القول باستثناء حالة التلبس من حكم هاتين الضمانتين قياساً على إخراجها من ضمانة صدور الأمر القضائى فى حالة تفتيش الشخص أو القبض عليه ذلك بأن الاستثناء لا يقاس عليه كما أنه لا محل للقياس عند وجود النص الدستورى الواضح الدلالة.
×  ونظمت المادة 128 من قانون العقوبات جريمة دخول أحد الموظفين المسكن الخاص بآحاد الناس وذلك بنصها على أنه "إذا دخل أحد الموظفين أو المستخدمين العموميين أو أى شخص مكلف بخدمة عمومية اعتماداً على وظيفته منزل شخص من آحاد الناس بغير رضائه فيما عدا الأحوال المبينة فى القانون أو بدون مراعاة القواعد المقررة فيه يعاقب بالحبس أو بغرامة لا تزيد على مائتى جنيه مصرى". وواضح أن العقاب على هذه الجريمة لا تتناسب إطلاقاً مع فداحة الجرم، ولا يتسق مع الاهتمام الدستورى بتقرير ضمانات لحرمة المسكن.
4- سرية المراسلات:
×  يتصل بحرمة الحياة الخاصة والحفاظ على الحريات الشخصية، الحفاظ على حرية المراسلات. فلا يصح أن تكون أسرار الناس نهباً للتنصت والتلصص واستراق السمع. ومن هذا المنطلق نصت المادة 45 من الدستور على أن لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون. وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة، ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو مراقبتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة وفقاً لأحكام القانون.
×  وعلى ذلك فإن هذه الحماية تشمل المراسلات البريدية، والبرقية، والمحادثات التليفونية. ولا يجوز النيل منها سواء بالمصادرة أو بالإطلاع على أسرارها أو مراقبتها إلا بأمر قضائى ومسبب ولمدة محددة.


وقد نصت المادة 309 مكرر من قانون العقوبات والمضافة بالقانون رقم 37 الخاصة لسنة 1972 على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه:
أ – استرق السمع أو سجل أو نقل عن طريق جهاز من الأجهزة أيا كان نوعه محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون.
ب- التقط أو نقل بجهاز من الأجهزة أياً كان نوعه صورة شخص فى مكان خاص".
×  فإذا صدرت الأفعال المشار إليها فى الفقرتين السابقتين أثناء اجتماع على مسمع ومرأى من الحاضرين فى ذلك الاجتماع فإن رضاء هؤلاء يكون مفترضاً ويعاقب بالحبس الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطات وظيفته.
×  ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم فى الجريمة، كما يحكم بمحو التسجلايت المتحصلة عنها وإعدامها.
×  كما نصت المادة 309 مكرر من قانون العقوبات على أن يعاقب بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو فى غير علانية تسجيلا أو مستندا متحصلا عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة، أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن.
×  ويعاقب بالحبس مدة لا تزيد على خمس سنوات كل من هدد بإفشاء أمر من الأمور التى تم التحصل عليها بإحدى الطرق المشار إليها لحمل شخص على القيام بعمل أو الامتناع عنه، ويعاقب بالسجن الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينة فى المادة اعتماداً على سلطات وظيفته، ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة، وغيرها مما يكون قد استخدم فى الجريمة، أو تحصل عنها كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عن الجريمة أو إعدامها.