Translate

الثلاثاء، مايو 01، 2012

المدلول الموضوعى فى تعريف القانون الدستورى

المدلول الموضوعى فى تعريف القانون الدستورى

Û  - مفهوم المدلول الموضوعى:
×  إذا كان المعيار الشكلى يعتمد أساساً على ضوابط شكلية تتصل بالجهة التى قامت به والشكل الذى صدر به والإجراءات التى اتبعت فى إصداره وتتبع فى تعديله. فإن المعيار الموضوعى على العكس تماماً يهتم فى تحديد العمل القانونى على موضوعه ومادته وجوهره. ومن ثم فإنه لا يهتم بالشكل أو الإجراءات المتبعة فى إصداره.
×  وعلى ذلك فإنه وفقاً للمعيار الموضوعى يكون القانون الدستورى شاملاً لكل القواعد والمسائل ذات الطبيعة الدستورية. وذلك بصرف النظر عن أن هذه القواعد مدونة فى وثيقة الدستور أو وردت فى قوانين عادية.
Û  2- تقدير المعيار الموضوعى:
×  والمعيار الموضوعى فى تعريف القانون الدستورى يتفادى الانتقادات التى وجهت إلى المعيار الشكلى. فهو أعم وأشمل فى تعريف القانون الدستورى حيث أنه لا يقتصر فى تعريف هذا القانون على القواعد والنصوص التى وردت فى الوثيقة الدستورية. كما أنه يؤدى إلى الاعتراف بوجود القانون الدستورى فى كل دولة حتى ولو كان لها دستور عرفى غير مكتوب. كما أنه يخلع عن القاعدة الصفة الدستورية، حتى ولو تضمنتها الوثيقة الدستورية ما دامت أنها ليست من طبيعة دستورية.
×  على أن المشكلة الحقيقية فى المعيار الموضوعى تكمن فى تحديد الموضوعات التى تعتبر دستورية بطبيعتها. ومن ثم تدخل فى نطاق القانون الدستورى. وإذا كان جمهورا الفقه فى مصر وفرنسا قد اتفقا على ترجيح المعيار الموضوعى فى تعريف القانون الدستورى. فإن الخلاف بينهما قد احتدم بشدة حول تحديد المسائل الدستورية حسب المعيار الموضوعى.
×  فقد ذهب الاتجاه الأول: إلى التوسع فى تعريف القانون الدستورى. وذهب إلى أن هذا القانون يبين نظام الحكم فى الدولة كما يبين كيفية تنظيم السلطات العامة ويحدد اختصاصاتها. وكذلك حقوق الأفراد وحرياتهم.
×  وواضح أن هذا التعريف يوسع فى مفهوم القانون الدستورى بصورة غير مقبولة لدرجة أنه يدخل فى مضمونه موضوعات تختص بدراستها فروع القانون الأخرى. وذلك مثل السلطة القضائية التى يختص بتدريس موضوعاتها قانون المرافعات وقانون الإجراءات. وكذلك السلطة الإدارية واختصاصاتها وتكوينها والتى يختص بتدريسها القانون الإدارى، ومن ثم فإن هذا التعريف سوف يؤدى إلى هدم التقسيمات الأكاديمية التى أصبحت مستقرة فى دراسات القانون فى كليات الحقوق.
×  وذهب البعض الآخر إلى تعريف القانون الدستورى، أنه ذلك الفرع من فروع القانون العام الداخلى، الذى يبين نظام الحكم (أى النظام السياسى الداخلى) للدولة، وعلى وجه الخصوص يبين كيفية تكوين السلطة التشريعية واختصاصاتها وعلاقاتها بغيرها من السلطات.
×  وبذلك يعد من مسائل هذا القانون وفقاً لهذا التعريف تلك القواعد التى تبين طبيعة الدولة (أى إذا ما كانت دولة موحدة أو اتحادية) وشكل الحكومة (أى إذا ما كانت جمهورية أو ملكية).
×  ويذهب آخرون إلى تأييد المعيار الموضوعى بحسبانه المعيار المنطقى فى تعريف القانون الدستورى على أنهم يضيقون أكثر من نطاقه فيستبعدون من موضوعاته موضوع الدولة بحسبانه موضوعاً يهم دراسات القانون العام بكل فروعه وليس القانون الدستورى فقط. ومن ثم يعرف القانون الدستورى لديهم بأنه "مجموعة القواعد القانونية الخاصة بنظام الحكم (أى الحكومة) فى مجتمع سياسى معين فى وقت معين".
Ûرأينا فى تعريف القانون الدستورى:
×  بعد دراستنا للمدلولات المختلفة للقانون الدستورى فإننا بداءة نستبعد صلاحية المدلول اللغوى لتحديد معنى القانون الدستورى. ومن ثم يبقى أمامنا إما الأخذ بالمدلول الشكلى أو المدلول الموضوعى. وإذا كان جمهور الفقه المصرى والفرنسى يرجح المعيار الموضوعى. فإننا نرى أن هذا المعيار غير منضبط ولا يمكن أن يعرف القانون الدستورى تعريفاً صحيحاً. وليس أدل على ذلك من اختلاف أنصاره حول الموضوعات التى تعتبر دستورية بطبيعتها والتى تمثل موضوع القانون الدستورى.
×  ثم لنا أن نتساءل مع جانب من الفقه حول الأثر القانونى الذى يترتب على اعتبار قاعدة معينة وردت فى قانون عادى مسألة دستورية بطبيعتها فى ظل وجود دستور مكتوب؟ هل يترتب على ذلك حسبانها قاعدة دستورية تخضع فى تعديلها لذات الإجراءات التى يعدل بها الدستور. وإذا تمت مخالفة هذه القاعدة فهل يؤدى ذلك إلى تحريك الدفع بعدم الدستورية؟.
×  هذه التساؤلات تؤدى إلى عدم جدوى الاستناد إلى المدلول الموضوعى فى ظل وجود دستور مكتوب وجامد. ويبقى الاستناد إلى المدلول الشكلى أمراً لا مفر منه. والقول بأن المدلول الشكلى أمراً لا مفر منه. والقول بأن المدلول الشكلى يؤدى إلى تعدد مفاهيم القانون الدستورى وينفى توحدها، وذلك لأن وثيقة الدستور تختلف من بلد إلى آخر. أمر مردود بأن القانون الدستورى فرع من فروع القانون العام الداخلى وهو ما يستقر عليه الفقه فى مجموعة ولا ينازع فيه أحد. ومن ثم فإنه يتأثر بالاعتبارات البيئية فى مجتمع معين. وكذلك يتأثر بالفلسفة السياسية والاقتصادية فى دولة معينة فى وقت معين. فالقانون الدستورى فى دولة ليبرالية غيره فى دولة اشتراكية سواء من حيث النصوص الذى يتضمنها والفلسفة السياسية التى تسوده والقيم التى يحرص على حمايتها. ولعل هذا ما يفسر اختلاف الموضوعات التى تتناولها الوثائق الدستورية من دستور إلى آخر.
×  فالقانون الدستورى ليس فرعاً من فروع القانون الدولى حتى نسعى إلى توحيد قواعده على مستوى الدول.
×  كما أن القول بأن المدلول الشكلى ينكر دور العرف الدستورى. بحسبان هذا المدلول لا يعترف بالصفة الدستورية إلا للنصوص والقواعد الواردة فى الوثيقة الدستورية بمعناها الشكلى. قول يتجاوز الحقائق القانونية الثابتة وهى أن العرف حتى مع وجود التشريع المكتوب ما زال يعد مصدراً للقواعد القانونية سواء أكانت قواعد دستورية أم قواعد قانونية. فوجود التشريع المكتوب لا ينفى بحال وجود العرف. وإنما انتشار التشريع سواء أكان دستوراً أم قانوناً أثر على مكانة العرف والمنزلة التى يشغلها فى قانون كل بلد باعتباره مصدراً رسمياً للقانون.
×  ومن ثم فإن الأخذ بالمدلول الشكلى للقانون الدستورى لا ينفى وجود دور للعرف بجوار الوثيقة الدستورية المكتوبة.
×  يبقى بعد ذلك مشكلة الدساتير العرفية غير المكتوبة، والمدلول الشكلى حيث أنه فى هذه الدول لا يمكن القول بتوافر وجود دستور أخذاً بالمدلول الشكلى وهو ما نسلم به. ولعل المثال التقليدى لهذه الدساتير هى الدستور الإنجليزى. فلا يوجد فى بريطانيا وثيقة تسمى الدستور. وإنما توجد مجموعة من القواعد العرفية والقانونية المدونة. والتى يستطيع البرلمان أن يعدلها أو يغيرها بذات الأدوات والإجراءات التى يتبعها فى تغيير وتعديل القوانين العادية.
×  على أنه توشك الحالة الإنجليزية أن تكون الاستثناء الوحيد فى عالم اليوم حيث أن الدول الحديثة جمعيها أصبحت ذات دستور مكتوب. حتى الدول التى حاولت تقليد النظام البريطانى فقد أصدرت دساتير مكتوبة. ومن ثم يظل الاستثناء فى هذه الحالة محكوماً فى إطاره الطبيعى. ويكون تحديد القانون الدستورى فى مثل هذه الحالة أخذاً بالمعيار الموضوعى. أمراً لازماً أما حيث يكون فى الدولة دستور مكتوب – وهذا هو السائد فى كل دول العالم الحديث تقريباً – فإن الأخذ بالمدلول الشكلى فى تحديد معنى القانون الدستورى هو الأولى والأجدى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق